ناهز إجمالي قائم الدين الخارجي لتونس قيمة 132 مليار دينار في سنة 2021، وفق ما أظهره أحدث تقرير أصدره البنك الدولي بخصوص الديون الدولية.
واعتبر الاقتصادي عز الدّين سعيدان، أنّ مستوى تداين البلاد « ينذر بالخطر »، مرجعا ذلك الى تدهور الآفاق الاقتصادية للبلاد و »سوء إدارة الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد – 19 وانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية. »
وتابع سعيدان تحليله بالقول: « لقد كان ظرفا إستثنائيا، تمّت إدارته بقرار سياسي من خلال إقرار الحجر الصحّي في وقت كان فيه من الأجدى ضخّ سيولة إضافية لحماية النسيج الاقتصادي ومواطن الشغل، وهو الأمر، الذّي لم يتم بما أفضى إلى ركود اقتصادي وفقدان الآلاف من المؤسسات ومواطن العمل ».
وأردف موضحا أنه في خضّم عدم إقرار إعادة هيكلة سريعة وتخصيص نفقات لدعم النمو فإنّ الحكومة تواجه أزمة على مستوى الميزانية، التّي لا يمكن لقانون المالية لسنة 2023 إيجاد الحلول لها لأنّه لا يعدو أن يكون « قانونا للجباية والتّداين ».
ورأى سعيدان أنّ ميزانية الدولة « تفتقر الى روح وأثر اقتصاديين » مذكرا أنه من المفترض ان تكون الميزانية أداة للانعاش الاقتصادي و »الحال ليس كذلك » بالنسبة لميزانية سنة 2023″.
وتحدّث الاقتصادي عن « انفجار الميزانية » ذلك ان حجمها لم يزد، فقط، بنسبة 14،5 المائة مقارنة بسنة 2022، بل بنسبة 32بالمائة. لقد « تمّ تقديم نسبة 14،5 بالمائة على أساس مقارنة مغلوطة بين حجمي كل من الميزانية الأصلية والتكميلية في وقت لا تستقيم فيه المقارنة إلاّ بين حجمي ميزانيتين أصليتين ».
وفي خضم ظرف عالمي صعب اتسم، بحسب البنك الدولي، « بفترات تشديد السياسات النقدية والمالية كانت الأكثر تواترا على المستوى الدولي منذ 50 سنة »، فإنّ مخاطر تعمّق الأزمة الاقتصادية وأزمة الموازنة في تونس معرّضة لأن تكون أعمق.
واعتبر سعيدان، أنّ الامل لا زال قائما، « والإنقاذ لا زال ممكنا شريطة ان يتحلى أصحاب القرار بالإرادة والوطنية. »
ورأى الاقتصادي « أنّ الحل الوحيد يكمن في وقف النزيف، وذلك من خلال إعادة النظر في نموذج إنفاق الدولة وانخراط البلاد في عمليّة انقاذ واسعة للاقتصاد ».
وتعرف تونس كما كل البلدان المتوسطة ومنخفضة الدخل، ارتفاعا في معدل تداينها الخارجي. ويبرز تقرير البنك الدولي بشأن الديون الدولية المخاطر المرتبطة بتزايد الديون العمومية والخاصة لهذه الاقتصادات لتصل إلى مستوى 9،3 تريليون دولار في نهاية عام 2021، أي أكثر من ضعف قيمته المسجلة قبل عشر سنوا ت ومقابل 8،6 تريليون دولار في 2020 .
وتوقّع التقرير، أيضا، أن يشهد عام 2022 ارتفاعاً في قيمة تسديد خدمة ديون، كوكبة من 69 بلدا متوسطة ومنخفضة الدخل، بنسبة 35 بالمائة مقارنة بالقيمة المسددة في 2021 لتتجاوز 62 مليار دولار وهي من أعلى الزيادات السنوية المسجلة على مدى العقدين الماضيين.
ونبّه البنك الدولي إلى أنّ الدفوعات لسنتي 2023 و2024 ستبقى مرتفعة، بسبب إرتفاع أسعار الفائدة وبلوغ آجال عدد كبير من أقساط السندات إلى جانب شروع بلدان في دفع خدمة الدين، التّي تمّ تأجيلها بسبب الجائحة.
كما لفتت مؤسسة الإقراض الدوليّة إلى أنّ إرتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ وتيرة النمو العالمي يدفع إلى خلق أزمات الديون بعدد كبير من البلدان . وأصبحت 60 بالمائة من البلدان الأشد فقراً إما معرضة لخطر كبير يهدد بلوغها مرحلة المديونية الحرجة أو أنها بلغت هذه المرحلة بالفعل.
وبحسب المصدر ذاته فإنّ الدين العمومي بلغ مستويات قياسية خلال الجائحة الصحيّة إن على مستوى الاقتصادات المتقدمة أو في البلدان ذات الدخل الضعيف أو الوسيط. وتعد تونس، وفق تصنيف البنك الدولي، من بين البلدان ذات الدخل المتوسط ضمن الفئة الدنيا خلال سنة 2022.
وات