سوسة: الاستشارة الجهوية لمنتدى تونس للمجتمع المدني حول الإطار التشريعي للجمعيات والتنمية المستدامة في تونس

هدى القرماني

نظّم منتدى تونس للمجتمع المدني يوم الأحد 25 فيفري 2018 ورشة عمل بمدينة سوسة تحت عنوان الاستشارات الجهوية لمنتدى تونس للمجتمع المدني “الإطار التشريعي للجمعيات والتنمية المستدامة في تونس” وذلك بالتعاون مع جمعية ابن رشد للفكر والابداع بالقلعة الكبرى.

وتطرّق مؤثثو الورشة التي جمعت مجموعة من النشطاء في المجتمع المدني من اختصاصات متنوعة إلى محورين كبيرين تمثل الأول في تحديد رؤية المجتمع المدني لبرنامج أهداف التنمية المستدامة في تونس أما المحور الثاني فتمّ خلاله تقديم المرسوم 88 لسنة 2011 المنظم للجمعيات لإبراز ما به من مكتسبات وحقوق غائبة عن وعي الناشطين في الجمعيات إلى جانب طرح الاستشارة الوطنية حول تغيير الإطار القانوني للجمعيات في تونس.

وأوضح طه بقة كاتب عام مرصد المنستير الحضري ومن مؤسسي منتدى تونس للمجتمع المدني أنّ هذه الاستشارة تعد الرابعة بعد الاستشارات الجهوية التي انطلقت في كل من نابل وبنزرت وصفاقس وجاءت على إثر اعلان البحيرة في 10 ديسمبر 2017 والذي ضمّ أكثر من 600 ناشط مدني مشيرا إلى أن هذه الاستشارات ستشمل كافة ولايات الجمهورية.

DSC_7502

وأضاف بقة أنه ستتمخض عن هذه الاستشارات عدة توصيات حول موقف المجتمع المدني من مرسوم 88 وعدة مقترحات حول القانون الأساسي للجمعيات إذا ما تمسكت الحكومة بوضعه حسب قوله مشدّدا على أنهم يتمسكون بهذا المرسوم  وأن لديهم مشروعَ مقترح يرغبون في مناقشته مع الكتابة العامة لرئاسة الحكومة.

وفيما يتعلق بموضوع التنمية المستدامة أعلن عضو منتدى تونس للمجتمع المدني أنهم يشتغلون على تفعيل الوثيقة الأممية التي صادقت عليها الدولة في 25 سبتمبر 2015 وكذلك حول التسريع في تشكيل الهيئة الدستورية للتنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهي الهيئة الدستورية الوحيدة بمنطوق الدستور التي لم تتشكل بعد وفق قوله.

وأشار بقة إلى أن بحوزتهم عديد المقترحات في هذا الشأن وأنهم بصدد تجميع توصيات المجتمع المدني حول تركيبة الهيئة الدستورية ومهامها وحول دور المجتمع المدني في تحقيق اهداف التنمية المستدامة التي نطمح اليها من أجل غد أفضل.

المجتمع المدني يتمسك بالمرسوم عدد 88

من جهته وفي تصريح خاص لموقع “بلادي نيوز” أعلن محمد فاضل الحمدي رئيس المرصد الدولي للجمعيات والتنمية المستدامة بتونس أن لوزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان مشروعا لتنقيح المرسوم عدد 88 لكن يقول ان الاشكال يكمن في كون الوزارة لم تطلع المجتمع المدني بتفاصيله وهو ما ولّد خشية لدى النشطاء في المجتمع المدني من أن يخفّض هذا المشروع من سقف الحريات الموجود في المرسوم الحالي ويهدّد من حرية تكوين الجمعيات.

DSC_7510

وشدّد رئيس المرصد على ضرورة أن يكون للنشطاء في المجتمع المدني صوتا وموقفا ورؤية واضحة حول الإطار التشريعي المنظم للجمعيات قبل تمرير الوزارة لمشروعها على مجلس نواب الشعب للمصادقة على اصدار قانون جديد أو على تنقيح للمرسوم الحالي.

ولفت محدثنا إلى أن المراسيم الجديدة المعمول بها تعدّ بالعشرات وما شملها من تنقيحات قامت بها الحكومة أضعف منسوب الحريات بها لذلك فالمجتمع المدني اليوم متخوف من تغيير هذا المرسوم بإطار تشريعي جديد.

ولاحظ رئيس المرصد من جهة ثانية أنه لا يوجد تشريك للمجتمع المدني في برامج التنمية المستدامة وفي تحقيق أهدافها كما لا توجد للحكومة رؤية واضحة فيما يتعلق بهذه الأهداف مشيرا إلى أن مفهوم التنمية المستدامة في حد ذاته لازال إلى اليوم يراوح مكانه وغير واضح لدى العديد من الجمعيات ولدى المواطن بدرجة أولى.

وتابع محدثنا القول بأن المجتمع المدني يسعى اليوم إلى أن تكون له بصمة وتصور لبرنامج التنمية المستدامة في تونس.

وعاب محمد الفاضل الحمدي هو الآخر عدم تنصيب هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال المستقبلة على غرار بقية الهيئات الدستورية الأخرى مضيفا أن المجتمع المدني أصبح يخشى مزيد تعطيل الإعلان عن هذه الهيئة أو عدم احداثها أو أيضا تجاهل المجتمع المدني وإقصائه من أن يكون ممثلا داخلها.

DSC_7492

من جهتهم عبرّ بعض النشطاء في المجتمع المدني عن تمسكهم بالمرسوم عدد 88 سيما وأن هذه الورشة ألقت الضوء على حقوق الجمعيات التي أتى بها هذا المرسوم.

ورأى الصادق عمار رئيس جمعية ابن رشد للفكر والابداع بالقلعة الكبرى أن عديد الإشكاليات قد ازاحها هذا المرسوم وأنهم يدافعون على بقائه اليوم لكونه يعد مكسبا بعد الثورة أعطى المجتمع المدني الفرصة حتى يكون رقيبا على المجتمع السياسي.

وعلى أهمية هذا المرسوم وما يمنحه من حقوق للجمعيات يرى عدد من النشطاء على غرار نجاة مطاوع رئيسة جمعية الحق في التنمية بسوسة أنه لا توجد التشجيعات الكافية للفاعلين في المجتمع المدني مؤكدّة انها لم تتمتع بالتمويل العمومي وأنها تعتمد إلى اليوم على امكانياتها الذاتية وعلى مداخيل الانخراطات لتمويل أنشطة الجمعية.

وختمت قولها في حديثها معنا أن ما يوجد في بعض المرسوم لا ينعكس فعلا على أرض الواقع نتيجة للتعقيدات الإدارية حيث أن تحضير الملفات القانونية لجمعيتها تتطلب منها سنة بأكملها.

تمويل عمومي ضعيف جدا وموجه لجمعيات بعينها

أعلن محمد الفاضل حمدي رئيس المرصد الدولي للجمعيات والتنمية المستدامة بتونس أن عدد الجمعيات في تونس إثر الإعلان عن مرسوم 88 لسنة 2011 قد تزايد بشكل كبير مذّكرا أن حوالي 11 ألف جمعية تأسست بعد هذا المرسوم وأن 10 آلاف جمعية قد تأسست قبل ذلك.

وأشار رئيس المرصد في حديثه لموقع “بلادي نيوز” إلى أنه رغم تواجد ما يقارب الـ 21 ألف جمعية فإنّ فاعليتها وتأثيرها في القرار الوطني وحتى في القوانين والنصوص التشريعية يبقى ضعيفا بالمقارنة مع عددها وهذا يعود حسب قوله إلى مسألة أساسية وهي مسألة التمويل ذلك أن التمويل العمومي ضعيف جدا وتنتفع به فقط العشرات من الجمعيات.

 وأضاف أنّ جزء من التمويل العمومي موجه لغير الجمعيات كالوداديات وبالتالي بات التمويل العمومي ضعيف جدا وأصبح نشاط الجمعيات ومقاربتها وتأثيرها ضعيف بضعف التمويل.

DSC_7507

وطالب محدثنا بمزيد دعم الحكومة للجمعيات عبر مضاعفتها للتمويل العمومي حتى تتمكن الجمعيات من القيام بأنشطتها ومن التأثير على القرارات وترك بصمة لها في مشاريع القوانين وفي الأنشطة الميدانية.

كما طالب أيضا من المجتمع المدني تقوية قدراته في مجال الحوكمة وفي تسيير الإدارة ومزيد تكوين النشطاء داخله نظرا لضعف الحوكمة داخل أغلب الجمعيات.

وقسّم رئيس المرصد في حديثه لـموقعنا تمويلات الجمعيات إلى تمويلات وطنية وأخرى أجنبية ولكن يقول أن التمويل الأجنبي أخذ نصيب الأسد في أنشطة الجمعيات وهو ما يجعل ترتيب الأولويات وترتيب البرامج للمجتمع المدني تتأثر بالداعم الأجنبي.

واعتبر محدثنا أن الاشكال ليس في الداعم الأجنبي بل في ضعف التمويل العمومي معللا أنه من الطبيعي أن يتلقى المجتمع المدني تمويلا أجنبيا وتمويلا عموميا وأيضا تمويلا من قبل المواطنين لكن من غير الطبيعي أن يكون التمويل العمومي هامشيا ويقارب في بعض الأحيان الصفر فاصل.

 وتابع أن حوالي 99 بالمائة من التمويل العمومي يذهب إلى جمعيات بعينها وهي نفس الجمعيات القديمة ما قبل الثورة رغم أن توزيع الأموال محدد بدقة في المرسوم وأساسه العمل والكفاءة والمشاريع ولكن هذا غير مطبق إلى حد الآن فيتدخل المال الأجنبي في إطار تمويل الجمعيات ببرامج وبتصور وبنظرة مسبقة وبأولويات مختلفة ربما في بعض الأحيان عن أولويات وطنية حسب تعبيره.

وأضاف رئيس المرصد أن كل ما نخشاه كمجتمع مدني وطني أن تتجاوز الأجندة الأجنبية الأجندة الوطنية ولذلك ندعو الدولة دائما إلى أن تساهم أكثر في تمويل الجمعيات وان تساهم في تكوينها وفي طريقة إدارتها و حوكمتها.

وتعليقا على إمكانية تمويل بعض الجمعيات بتمويلات أجنبية مشبوهة قال محدثنا أن التمويل المشبوه يعني أن للجهة المانحة لهذا التمويل أغراضا غير معلنة أو أغراضا تتنافى والقانون الداخلي لبلادنا ومحاربة ذلك تتم بأمرين اثنين أولا يتعلق بالجمعية ومدى شفافيتها واعلانها عن التمويلات التي تتحصل عليها فكلما كان ذلك متوفرا كلما كانت رقابة الجانب المالي أسهل.

وثانيا يقول رئيس المرصد أن جميع التمويلات الأجنبية المحولة بغير العملة التونسية تحوّل كلها عن طريق البنك المركزي التونسي وباستطاعتنا التوجه إلى هذا البنك والحصول على قائمة حصرية في جميع التمويلات الأجنبية التي انتفعت بها الجمعيات وأيضا مصدرها والجهة الموجهة إليها وقيمتها ومتى تم صرفها وهي نقطة يتغافل عنها العديد حسب قوله.

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

منشور صادر عن البنك المركزي يضبط الأحكام الانتقالية المتعلقة بالمعاملات بالشيك

يضبط المنشور الصادر ،الخميس، عن البنك المركزي التونسي الواجبات والإجرءات المحمولة على المصارف في المعاملات …