إعداد: معز بسباس (متفقد رئيس بالإدارة الجهوية للديوان الوطني للملكية العقارية بالمنستير)
ينص الفصل 103 من م.ح.ع على أن ” الشفعة هي حلول الشريك محل المشتري في التملك بمبيع شريكه…”
من الأول نلاحظ أن الاشتراك في الملك هو شرط أساسي في ممارسة حق الشفعة و ذلك يعني أن ممارسة حق الشفعة على الشقة المفرزة مثلها مثل ممارسة حق الشفعة على قطعة الأرض المفرزة حيث انه لا يتجاوز الشفعة لا في بيع قطعة أرض مفرزة (قرار تعقيبي مدني عدد 3401 مؤرخ في 26 جانفي 1982) و لا شقة مفرزة كما أنها لا تجوز في ملكية جميع العقار. و من هنا يتبين لنا أن حالة الشيوع و الاشتراك في الملك هو الشرط الأساسي في ممارسة حق الشفعة.
أ- ممارسة حق الشفعة في ملكية الشقق:
ينص الفصل 101 من م.ح.ع ” لا شفعة في ملكية الطبقات” بحيث من يملك شقة مفرزة في عمارة و باعها فإن الذي يملك شقة في نفس العمارة لا يجوز له التمتع بحق الشفعة في الشقة المباعة هذا ما ذهبت إليه محكمة التعقيب بتوتس من خلال قرار تعقييبي مدني عدد 22867 مؤرخ 04 ماي 1989 و دعم فقه القضاء موقفه في ذلك بأن الشقة هي وحدة عقارية مستقلة بذاتها في بقية الشقق الأخرى التي تتركب منها العمارة و لا شيوع إلا في المرافق كالمدخل و المدرج و السلم و نحو ذلك، غايته في ذلك الاستقرار و حفظ الحق . إلا أنه في حالة ملكية شقة لشريكين فأكثر غما عن طريق الميراث بأن يتوفى المالك الأصلي أو عن طريق الاستحقاق فهنا عند بيع الشريك في ملكية الشقة لمنابات مفرزة على الشياع أو جميع مناباته فإن الشريك في الملك يمكن له ممارسة حق الشفعة و يحل محل المشتري في التملك بالمنابات المباعة.
و لكن يطرح إشكال اخر في حالة تجزئة شقة مفرزة بين شريكين في ملكيتها فأكثر و هنا تناول الفصل 102 من م.ح.ع ذلك على النحو التالي ” لا يمكن تجزئة الشقة الواحدة إلا إذا أجازها نظام الإدارة أو رخص فيها التحاد بالأغلبية المزدوجة المنصوص عليها بالفصل 91 من م.حع”
و من خلال هذا الفصل يتبين لنا أنه في حالة ملكية شقة من طرف شريكين فأكثر فإنه يجوز تجزئة هذه الشقة بغجازة نظام الإدارة أو ترخيص من الاتحاد بالأغلبية المزدوجة المنصوص عليها بالفصل91 من م.ح.ع و تبعا لذلك فإن المثال الهندسي للشفة سوف يتغير و يقع إصدار كتب تكميلي في اشتراك في الملكية يتناول التغييرات الواردة في الشقة و في المنابات المشاعة و المشتركة.
كما أنه من خلال تناول دراسة الشفعة في ملكية الطبقات و تبعا لما جرى به العمل في إدارات الملكية العقارية فإنه في بعض الحالات يطلب محرر العقد و أطرافه من السيد حافظ المكية العقارية ترسيم بيع يتعلق بشقة أو علو بصدد البناء على الشياع مع إعفاء حافظ الملكية العقارية من التشخيص الوارد في العقد.
فحافظ الملكية العقارية أجاز هذه الرخصة الوقتية أي الترسيم على الشياع أولا لحفظ حق المشتري و ثانيا لمسايرة الدورة الاقتصادية في البلاد إلا أنه تبقى ثغرة في هذا المجال حيث أنه يطرح سؤال : هل يجوز في هذه الحالة ممارسة حق الشفعة خاصة و أن البيع مرسم على الشياع قانونيا إلا أنه في الواقع يتعلق بشفعة أو علو بصدد البناء؟
حسب رأيي فإذا كان العقار مشخصا بذكر شقة أو العلو بصدد البناء المباع فإن القاضي و عند رفع الأمر إليه لا يجد إشكالا في منع ممارسة حق الشفعة بتقصي ما جاء في عقد البيع من تحديد و تشخيص للعقار. إلا أن الاشكال يطرح في صورة ما إذا لم يوجد تشخيص و تحديد للعقار و يطلب طالب الترسيم من السيد حافظ الملكية العقارية ترسيم المبيع المشفوع فيه دون التعرض كما قلنا إلى تشخيص العقار و هنا من حيث الواقع نجد شقة مبنية أو علو بصدد البناء إلا أنه من حيث القانون نجد ترسيما على الشياع لمنابات مفرزة و بالتالي بتعين على القاضي تعيين خبير يستعين به و رغم ذلك حسب رأيي فإنه لا يستطيع تشخيص الطابق المبني لأن الشيوع المجرد من التشخيص و التحديد لا يضبط العقار واقعيا رغم ضبطه قانونيا بترسيمه بالسجل العقاري على الشياع.
و دفعا لكل المشاكل المثارة سابقا من حيث ترسيم شقة أو علو بصدد البناء على الشياع نجد اتجاها آخر لبعض المديريين الجهويين لإدارة الملكية العقارية يرفض كل مطلب ترسيم بتعلق بشقة أو بعلو بصدد البناء على الشياع و ذلك تمشيا مع اتجاه المشروع الذي يسعى في اتجاه إنهاء حالة الشيوع درءا للمشاكل التي رأيناها و التي أثرتها إلى جانب مشاكل قسمة العقارات المشاعة على مستوى إرادة الأطراف فهناك من يريد قسمة العقار و هناك من لا يريد ذلك و في صورة انفراد الرأي بقسمة العقار لشق من الشركاء في الملك و ما ينجر عن ذلك من تكبد هذا الشق لمصاريف التقسيم وحده إلى أخ…
هذا من حيث إرادة الشركاء في الملك إلا أنه يطرح إشكالا آخر من حيث الناحية الفنية في تقسيم العقار خاصة إذا ما كانت المنابات المشاعة لبعض الشركاء غير مشخصة و محددة. كما نجد بعض الرسوم العقارية المتعلقة بملكية طبقات معقدة على مستو منابات كل شريك في الملك و كذلك من حيث التجزئة العامة التي تتضاعف كلما تم ترسيم منابات على الشياع لطابق آخر و بالتالي تضخيم و تغيير التجزئة العامة للرسم مما يؤدي إلى عدم استقرار الحالة الاستحقاقية للرسم كما أشير انه سبق لنا أن تعرضنا للمشاكل القانونية بالنسبة للترسيمات على الشياع المتعلقة بملكية الطبقات لذا نجد هذين الشقين في إرادة الملكية العقارية : الشق الأول الذي تجاوز كل الإشكالات القانونية و منع الترسيم على الشياع بالنسبة لملكية الطبقات متمسكا بحفظ حق الغير و مسايرة الدورة الاقتصادية كما نجد الشق الثاني من إدارة الملكية العقارية الذي يرفض الترسيم على الشياع بالنسبة لملكية الطبقات راميا عرض الحائط بإيجابيات الترسيم على لملكية الطبقات مشطبا بذلك على سلبيات هذا الترسيم.
و بالتالي ما لا يجوز ترسيمه على الشياع لا يجوز الشفعة فيه.
ب- ممارسة حق الشفعة في ملكية المنابات المشاعة و المشتركة :
بما أن ملكية الشقة المفرزة نجد من تبعاتها المنابات المشاعة و المشتركة فإنه لا يجوز الشفعة في تملك المنابات المشاعة و المشتركة ذلك كما قلنا أنها تتبع العقار الأصلي أي الشقة المفرزة بل هما وحدة عقارية لا يمكن الفصل بينهما و المنابات المشاعة و المشتركة لا تتبع الأشخاص في تملكها (الرسم 90650 سوسة)و مما يدل علىذلك : ففي حالة بيع شقة من شخص إلى آخر فإن المالك يتغير في رسم الشقة ( الرسم عدد 90697 سوسة) إلا أن الترسيم المتعلق بالمنابات المشاعة أو المشتركة يبقى على حالة في رسم الأم كما انه في هذا الرسم يقع التنصيص على الطابق و على عدد الشقة و نسبة المنابات المشاعة و المشتركة التابعة لها دون ذكر اسم المالك و ذلك للحفاظ على تجدد مفعول الترسيم للمنابات المشاعة و المشتركة للمالك اللجديد كما هو موجود بالرسم 90650 سوسة .
هذا من الناحية القانونية فقد نص الشرع ضمنيا على عدم ممارسة حق الشفعة على المنابات المشاعة و المشتركة حيث ينص الفصل 100 من م ح ع “و لا يجوز أصلا طلب قسمة الأجزاء المشتركة أو بيعها صفقة و كل شرط مخالف لذلك يعد لاغيا “. وهنا لا تجوز الشفعة في المنابات المشاعة و المشتركة كيف ذلك ؟ فالمشروع هنا تدرج في ذلك بمنع قسمة الأجزاء المشتركة ثم منع بيعها و بالتالي ما لا يجوز قسمته لا يجوز بيعه و بالتالي لا يجوز الشفعة فيه.