انطلقت أمس السبت، الحملة الانتخابية لانتخابات المجالس المحلية، التي مازال الحديث حول صلاحياتها غير واضح ومحدد بالنسبة للمهتمين بالشأن الانتخابي في وقت ينفي فيه أعضاء مجلس الهيئة في كل مناسبة وجود فراغ تشريعي في هذا الخصوص مستندين إلى القانون عدد 87 لسنة 1994 والمتعلق بالمجالس المحلية للتنمية.
وتنبه جمعيات مهتمة بالشأن الانتخابي إلى أن عدم التنصيص الواضح على صلاحيات المجالس المحلية وعلاقتها بالمجالس البلدية ولكن أيضا بالمجالس الجهوية ومجلس الأقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، قد يصل بها إلى مرحلة النزاع الإيجابي حول الاختصاصات والصلاحيات، لا سيما وأن هناك من يطرح مسائل مثل النظافة والتنوير عند الحديث عن دور هذه المجالس المستحدثة.
وتؤكد مختلف الأطراف المتدخلة في الشأن الانتخابي سواء من هيئة الانتخابات أو من المجتمع المدني أن هناك توجه نحو إصدار قانون يحدد صلاحيات المجالس المحلية وعلاقتها ببقية المجالس، إلا أنه وحسب الخبراء في هذا الشأن كان المفروض إفراد الانتخابات المحلية بنص قانوني سابق الوضع حتى يفهم المترشحون على أي أساس سيضعون برامجهم والناخبون على أي أساس سيختارون مرشحيهم.
قانون 94 لا يزيل الغموض حول الصلاحيات
عند الحديث عن المجالس المحلية تتم الإحالة مباشرة على القانون عدد 87 لسنة 1994 والذي يتحدث عن مجالس محلية للتنمية أعضاؤها معينون بالصفات ودورها استشاري، ثم المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المحدث لهذه المجالس ، لكن مجلة الجماعات المحلية لسنة 2018 توضح صلاحيات المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجلس الإقليم لكنها لا تحدد صلاحيات المجالس المحلية لأنها صيغت استنادا لدستور 2014 الذي لم ينص على المجالس المحلية.
الناطق الرسمي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التليلي المنصري اعتبر أن المسالة واضحة قائلا إننا لسنا في وضعية فراغ تشريعي باعتبار أن قانون سنة 1994 للمجالس المحلية مازال ساري المفعول إلى حد الآن في ما عدا ما يتعارض مع المرسوم عدد 10 لسنة 2023 في ما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتركيبة.
وأضاف في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء أنه من المؤكد سيكون هناك قانون يحدد الصلاحيات بين المجالس المحلية والمجالس البلدية التي يبقى اختصاصها التقليدي العادي المتعارف عليه مثل النظافة والخدمات والتعريف بالإمضاء والتنوير وغيره والمجالس المحلية سيكون لها جوانب تنموية اقتصادية بالأساس صحبة بقية المجالس الأخرى /المجلس الجهوي ومجلس الاقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم/.
وفي المقابل بين المدير التنفيذي لمرصد شاهد الناصر الهرابي أن الأصل في الشيء عند إعداد أي انتخابات هو أن نعرف اختصاصات كل هيكل، وأن تكون النصوص القانونية للانتخابات في نص سابق الوضع ولكن والى حد اليوم مازال هناك حديث عن النظافة والبيئة والتنوير والتي هي من اختصاص البلديات حصرا، مشيرا إلى أن المجالس المحلية التي تحدث وفق المرسوم عدد 10 لم يتم تحديد صلاحياتها إلى اليوم.
وقال في تصريح ل”وات “إن هيئة الانتخابات تنشر ومضة تحسيسية حول الصلاحيات استمدتها من القانون عدد 87 لسنة 1994 ولكن ليس هناك إحالة بنص صريح لهذا القانون وبالتالي فنحن سنمر إلى هذه الانتخابات دون صلاحيات واضحة وهناك إمكانية للوصول إلى وضعية تداخل في الصلاحيات بين المجالس المحلية والبلدية عند إنشائها”.
وأضاف أنه “ربما سيتم تنقيح جزء من مجلة الجماعات المحلية لسنة 2018، لكن وفي ظل عدم تحديد الصلاحيات بنص واضح وصريح فنحن نخوض حملة انتخابية دون صلاحيات واضحة ومضبوطة سلفا وبالتالي سيجد المترشح نفسه يعد الناخبين بمسائل من اختصاص حصري للبلديات ومستقبلا سيصل الأمر إلى تنازع إيجابي في الاختصاص بين البلديات والمجالس المحلية”، وفق تقديره.
وبين أنه من المفروض أن يصدر نص تشريعي عن طريق البرلمان يضبط صلاحيات المجالس المحلية ويراجع مجلة الجماعات المحلية التي كانت وفق دستور 2014 ، والحال أن الهياكل تغيرت وفق دستور 2022 ،وهو ما يفترض إعادة صياغة النصوص القانونية وإعادة هيكلة للنص القانوني المتعلق بالبلديات وإفراد المجالس المحلية بنص خاص يوضح الصلاحيات.
ومن جهته قال يوسف عبيد المستشار القانوني في شبكة مراقبون في ظل غياب تنصيص واضح للصلاحيات تبقى المهمة الأساسية لهذه المجالس المحلية هي تصعيد المترشحين إلى مجلس الأقاليم والمجالس الجهوية والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما أن كلمة التنمية المعتمدة هي لفظ عام ولا بد من تحديد مجالاتها ، مؤكدا ضرورة توحيد النصوص القانونية “لأن تعددها يضعف من مقروئيتها ويزيد من تشتتها”، حسب تقديره.
وينص الفصل 3 من القانون عدد 87 لسنة 1994 على أن المجلس المحلي للتنمية ينظر في كل المسائل المعروضة عليه من طرف رئيسه والمتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية بدائرة المعتمدية ويتولى خاصة إبداء الرأي في البرامج والمشاريع المحلية للتنمية وتقديم اقتراحات في خصوص ضبط الأولويات والبرمجة لضمان ومزيد من التنسيق والتكامل بينها، والمساهمة في إعداد وتنفيذ البرامج المتعلقة بالنظافة والعناية بالبيئة وبرامج المحافظة على الطبيعة وترشيد استغلال الموارد الطبيعية والمحافظة عليها وحمايتها، وتنظيم أيام تنموية محلية يقررها الوالي و المساهمة في إعداد المخطط الجهوي للتنمية فيما يخص دائرة المعتمدية.
أما بالنسبة للمجالس البلدية فإن مجلة الجماعات المحلية قد ضبطت صلاحياتها، في القسم الثالث، وبكل وضوح ،وهي تنقسم إلى صلاحيات ذاتية أخرى مشتركة مع السلطة المركزية على غرار تنمية الاقتصاد المحلي ودعم التشغيل والمحافظة على خصوصية التراث الثقافي المحلي وتنميته ومصالح منقولة منها من بينها بناء المؤسسات والمراكز الصحية والمنشآت الثقافية وصيانتها، وتهتم المجالس البلدية بالخصوص، بمسائل مثل التنوير العمومي ورفع الفضلات المنزلية والعناية بالنظافة والبيئة وتعبيد الطرقات والعناية بالأرصفة والحدائق والمنتزهات وتعد أمثلة التهيئة والتخطيط العمراني.
التفرغ والمنح مسائل تحتاج لنص قانوني لتوضيحها
إلى جانب مسألة الصلاحيات التي أسالت الكثير من الحبر، توجد العديد من النقاط القانونية التي لا بد من توضيحها على غرار مسألة المنحة والتفرغ بالنسبة لأعضاء المجالس المحلية وبقية المجالس.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الفصل 6 من مجلة الجماعات المحلية من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 ينصص على أن يتفرغ رؤساء مجالس الجماعات المحلية لممارسة مهامهم. وتسند لهم منح تحمل على ميزانية الجماعة المحلية تحدد معاييرها وتضبط مقاديرها بأمر حكومي بناء على رأي المحكمة الإدارية العليا وبعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجماعات المحلية.
ويمارس أعضاء مجالس الجماعات المحلية مهامهم دون مقابل. وتسند لنواب الرئيس ومساعديه منح بعنوان استرجاع مصاريف تضبط بأمر حكومي بناء على رأي المحكمة الإدارية العليا وبعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجماعات المحلية”.
أما بالنسبة للمجالس المحلية التي سيتم انتخابها في 24 ديسمبر الجاري والتي ستكون فيها الرئاسة بالتناوب، فإن توضيح مسألة التفرغ والمنح المسندة لأعضائها ضمن نص تشريعي جديد، “بات أمرا ملحا”..
ومع انطلاق مسار الانتخابات إلى السرعة القصوى أصبح إصدار قانون خاص بالمجالس المحلية وعلاقاتها ببقية المجالس ضرورة ملحة ولا بد من أن يكون ضمن المشاريع ذات الأولوية في مجلس نواب الشعب أو أن يصدر نص تشريعي من قبل رئيس الجمهورية في أقرب الآجال.
وات