أعد كل من إرنستو لوندونو وكريغ ويتلوك تقريراً نشرته صحيفة «واشنطن بوست» تحت عنوان «الأزمة السورية تكشف عن توتر العلاقات بين اوباما والجيش»، قالا فيه إن الأزمة السورية دفعت الرئيس الأميركي باراك اوباما خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى تبني دور بدا مزعجاً في بعض الأحيان: وهو دور القائد العام. فقد كشف احتمال شن هجوم لمعاقبة سورية على الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية عن علاقة متوترة ومترددة إلى حد ما بين الرئيس الحائز على جائزة نوبل للسلام والجيش الأميركي. حيث إن تأرجحه المثير للدهشة من السلبية في سورية إلى حافة العمل العسكري، واستقراره في نهاية المطاف على حل دبلوماسي محتمل، أثار استياء العديد من قادة وأعضاء الجيش الأميركي. فقد علَّق اثنين من وزراء دفاعه السابقين، روبرت غيتس وليون بانيتا، يوم الثلاثاء على هذه المسألة، قائلين إنهم لا يتفقون مع قرار الرئيس بالحصول على تفويض من الكونغرس لضرب سورية. وبينما رأى بانيتا أن الهجوم الصاروخي كان جديراً بالاهتمام، قال غيتس إن الخطة كانت ستسفر عن تأجيج الصراعات المستعرة بالفعل في الشرق الأوسط.
وأشار التقرير إلى أن احتمال حدوث تدخل عسكري أميركي جديد في الشرق الأوسط أثار تذمر جيل أنهكته الحرب من كبار قادة الجيش وقدامى المحاربين، الذين يمتلكون تحفظات مماثلة لتلك التي أعرب عنها وزيرا الدفاع السابقين. ويرجع موقفهم ذلك إلى عدم الثقة العميقة التي صدرت عن تعامل الإدارة الأميركية مع حربي العراق وأفغانستان، اللتان تم الانسحاب منهما على نحو جعلت الكثير من أعضاء الجيش الأميركي يشعرون بالقلق إن لم يكن بالمرارة. ولكن كان هناك تخوف أيضاً بشأن البيت الأبيض الذي يقول العديد من القادة العسكريين إنه احتكر عملية صنع القرار في إطار دائرة ضيقة النطاق يهمن عليها المدنيون الذين غالباً ما يجرون مداولات لا نهاية لها ويبدون غير راغبين أو غير قادرين على صياغة سياسات حاسمة. وينقل التقرير عن بيتر مونسون، وهو ضابط بحرية متقاعد خدم مؤخراً كمستشار بارز لقائد سلاح البحرية، قوله إن الجيش الأميركي يعاني من أنصاف التدابير التي تتخذها الإدارة، مشيراً إلى أنه سيكون هناك نفور من استخدام القوة من قبل كبار القادة العسكريين إذا لم تكن هناك أهداف محددة.
وأوضح التقرير أن احتمال توجيه ضربة عسكرية أميركية قد تلاشى بعد أن وافقت الولايات المتحدة وروسيا على خطة للقضاء على الترسانة الكيماوية التي يمتلكها الرئيس السوري بشار الأسد. ومع ذلك، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن المدمرات التابعة لسلاح البحرية ستظل في موقعها على مقربة من سورية، ما يعكس رغبة البيت الأبيض في إبقاء خيار استخدام القوة على الطاولة. هذا وقد أثارت استجابة البيت الأبيض لهجوم الأسلحة الكيماوية الذي شهدته ضواحي العاصمة السورية دمشق دهشة القادة العسكريين الأميركيين، نظراً لأنها جاءت بعد وقوف الولايات المتحدة على هامش الحرب الأهلية السورية لفترة طويلة. حيث يقول أنتوني كوردسمان، خبير في الاستراتيجية العسكرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومسؤول بارز سابق في الاستخبارات في وزارة الدفاع، إن الأسابيع القليلة الماضية كانت أسوأ لحظة في سجل الرئيس اوباما نظراً لأنها أثارت شكوكاً جادة حول فشله المؤلم في التوصل إلى قرار واضح.
وأشار التقرير إلى أنه بمرور الوقت أتضح أنه بينما كان الرئيس اوباما ووزير خارجيته جون كيري يدعوان بحماس إلى توجيه ضربة عسكرية، كان قادة الجيش يمتلكون تحفظات قوية.
بانورما الشرق الأوسط