هدى القرماني
هذا التقرير من ضمن سلسلة تقارير أنجزت حول موضوع العقوبات البديلة في تونس بالشراكة مع “معهد صحافة الحرب والسلام”
تمثّل العقوبات البديلة أحد الأنظمة العقابية الحديثة ويلعب المحامون والقضاة بوصفهما جناحي العدالة دورا مهما في ارسائها وتفعيلها على أرض الواقع.
وللقضاة دور هام في تفريد العقوبة وأنسنتها بصفة عامة ذلك أنّ القاضي يتمتع بالسلطة التقديرية في تحديد العقوبة المناسبة في حق المتهم الذي ثبتت ادانته.
ويقصد بتفريد العقوبة أن تتناسب هذه الأخيرة مع الجريمة والظروف والملابسات التي أحاطت بها وكذلك مع شخصية الجاني ومدى خطورته وظروفه الشخصية والاجتماعية والتي تختلف من شخص إلى آخر.
وقد فصّل المشرّع التونسي العقوبات وفقا للفصل 5 من المجلة الجزائية الى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية وجعل من العقوبات البديلة المتمثلة في العمل لفائدة المصلحة العامة والتعويض الجزائي من ضمن هذه العقوبات الأصلية والتي تمنح القاضي أكثر خيارات في اتخاذه للحكم المناسب.
وقد تطور مفهوم العقوبة من فكرة الايلام، والذي كان يمثّل جوهر العقوبة، كجزاء لما ارتكبه المتهم من ضرر في حق المجني عليه أو المجتمع وذلك بالحدّ من حريته ومن حقوقه إلى مفهوم الإصلاح وإعادة الادماج داخل المجتمع.
ولئن حدّد النصّ القانوني أركان الجريمة وعناصرها المادية والمعنوية وحدّد العقاب الذي سيبني عليه القاضي حكمه تطبيقا لشرعية العقاب وشرعية الجريمة فالمشرّع قد منح أيضا هذا الأخير عدة صلاحيات تساعده في تحديد العقوبة المناسبة وفقا لظروف الجريمة وملابساتها وشخصية الجاني وله الحرية في تخفيف العقوبة والنزول بها درجة أو درجتين في سلّم العقوبات الأصليّة أو تعويض العقوبة بخطية مالية وهو ما جاء به الفصل 53 من المجلة الجزائية. كما يمكن للقاضي أن يذهب نحو تشديد العقوبة في بعض الحالات أو اصدار الحكم مع تأجيل التنفيذ أو كذلك الحكم بعقوبة بديلة تجنب المحكوم عليه الدخول إلى السجن.
كلها خيارات منحها المشرّع التونسي للقاضي ولكن تبقى العقوبات البديلة كنظام عقابي مختلف الأقل حظا في ارسائها وتفعيلها على أرض الواقع رغم أنها تمكّن القاضي من آليات جديدة تجنّب دخول الجاني السجن بغاية إصلاحه وإعادة ادماجه في المجتمع.
دور القاضي في تفعيل العقوبات البديلة
يقول القاضي فرحات الراجحي في احدى محاضراته حول “دور المحاكم في إرساء العقوبات البديلة” أنّ ” هذا النوع من العقوبات “يمثّل تكريسا قانونيا لمبدإ تفريد العقوبة والذي كان في السابق خيارا للقضاء ولكنه أصبح اليوم واجبا مهنيا وأخلاقيا مفروضا عليه” اذا ما توفرت شروط ذلك خدمة للمجتمع وللإنسانية وتماشيا مع روح القانون ومقصد المشرّع.
وأضاف الراجحي أن دور القاضي عند الحكم يتمثل في اختيار العقاب المناسب من بين جملة العقوبات المقررة قانونا لأنه ليس بالضرورة ان يكون ردّ الفعل الاجتماعي واحدا بالنسبة لجانيين ارتكبا نفس الفعل.
ويعدّ القاضي مجبرا فيما يتعلّق بجنوح الأطفال على اختيار تدابير الحماية والرقابة والرعاية على حساب العقاب السالب للحرية وهو ما خوّله الفصل 99 من مجلة حماية الطفل الذي ينصّ على أنه “إذا كانت الأفعال المنسوبة للطفل ثابتة فان قاضي الأطفال أو محكمة الأطفال تتخذّ بقرار معلّل احدى الوسائل التالية: تسليم الطفل إلى أبويه أو الى مقدمه أو الى حاضنه أو الى شخص يوثق به، احالته على قاضي الأسرة، وضعه بمؤسسة عمومية أو خاصة معدة للتربية والتكوين المهني ومؤهلة لهذا الغرض أو وضعه بمركز اصلاح.
ويجوز تسليط عقاب جزائي على الطفل مع مراعاة أحكام هذه المجلة اذا تبيّن أن إصلاحه يقتضي ذلك وفي هذه الصورة يقضي العقاب بمؤسسة مختصة وعند التعذر بجناح مخصص للأطفال بالسجن”.
أما بالنسبة للرشّد فللقاضي مبدأ الخيار وهو ما سمح به القانون عدد 89 لسنة 1999 في الفصل 15 مكرر الذي يخوّل للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وذلك دون أجر ولمدة لا تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كل يوم سجن.
وللقاضي سؤال المتهّم ان كان يقبل بهذه العقوبة كما للمتهم حقّ الرفض وهو ما أقرّه الفصل 15 ثالثا الذي أضيف بنفس القانون والمنقح بالقانون عدد 68 لسنة 2009 حيث يقول “على المحكمة إعلام المتهم بحقه في رفض استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وتسجيل جوابه وفي صورة الرفض تقضي المحكمة بالعقوبات المستوجبة الأخرى وتتولى المحكمة ضبط الأجل الذي يجب أن ينجز فيه العمل على أن لا يتجاوز هذا الأجل ثمانية عشر شهرا من تاريخ صدور الحكم. ولا يمكن الجمع بين عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وعقوبة السجن.”
كما سمح الفصل 15 رابعا من قانون عدد 68 لسنة 2009 للقاضي بإمكانية الحكم بالتعويض الجزائي حيث يمكن للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ في المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها ستة أشهر بالنسبة إلى الجنح أن تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي إذا اقتضت ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع ذلك. ويشترط للتصريح بهذه العقوبة أن يكون الحكم حضوريا وأن لم يسبق الحكم على المتهم بالسجن أو بعقوبة التعويض الجزائي.
ويقوم بناء على الفصل 336 ثالثا ممثل النيابة العمومية بمتابعة تنفيذ العقوبة ويسري أجل تنفيذها بداية من تاريخ انقضاء أجل الطعن بالاستئناف في الحكم الجزائي الابتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة.
ويشير القاضي فرحات الراجحي إلى أنّ مهمّة القضاء قد تغيّرت ولم تعد مقتصرة على اصدار الأحكام بل أصبح القاضي الجزائي حسب قوله عنصرا فاعلا في منظومة مكافحة الاجرام واصلاح المجرمين وتأهيلهم.
ويرى الراجحي أنّه وان كانت نتائج تفعيل العقوبات البديلة دون المأمول فمردّ ذلك ليس عيوبا وسلبيات في هذه البدائل وانما تغاضي القضاة عن تكريسها وتفعيلها.
صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات في مجال العقوبات البديلة
لئن يعدّ اتخاذ القاضي للقرار المناسب، نحو العقوبات البديلة، أمرا مهما فإنّ عمليّة تنفيذه لا تقلّ أهميّة وهو ما يلعبه خاصة دور قاضي تنفيذ العقوبات الذي تبقى على عاتقه مسؤولية متابعة ومراقبة تنفيذ العقوبة وهي مسؤولية كبرى باعتبار أن هذه المرحلة سيكون لها تأثير هام على مسار حياة المحكوم عليه.
وقد أحدثت مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات بمقتضى القانون عدد 77 لسنة 2000 وجاء القانون عدد 92 لسنة 2002 ليدعم من صلاحياته.
ويتولى قاضي تنفيذ العقوبات وفقا للفصل 336 فقرة ثانية (جديدة) “التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة الابتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذ لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبلاد التونسية متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بمساعدة مصالح السجون”.
كما يتولى حسب الفقرة الثالثة من الفصل 336 عرض المحكوم عليه على الفحص الطبي وتحديد المؤسسة التي سيتمّ بها تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وتحديد العمل الذي سيقوم به المحكوم عليه وجدول أوقاته ومدته وعرض ذلك على موافقة وكيل الجمهورية.
ويتابع وفقا للفقرة الرابعة من الفصل 336 تنفيذ المحكوم عليه لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى المؤسسة المعنية ويقع اعلامه كتابيا بكل ما يطرأ أثناء قضاء العقوبة كما يحرّر تقريرا في مآل التنفيذ يحيله على وكيل الجمهورية.
والى جانب متابعة ومراقبة المحكومين بالعمل لفائدة المصلحة العامة لقاضي تنفيذ العقوبات كما جاء في الفصل 356 أن يمنح السراح الشرطي في الحالات وحسب الإجراءات التي خصّه بها القانون.
ويواصل المتمتعون بالسراح الشرطي مدة عقوبتهم في العمل لفائدة المصلحة العامة تحت اشراف ومراقبة قاضي تنفيذ العقوبات بغاية تأهيلهم واستبعاد دوافع الانحراف لديهم لإعادة ادماجهم مجددا داخل المجتمع.
وتشكو مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات كما جاء في التقرير السنوي لقاضي تنفيذ العقوبات بالمحكمة الابتدائية بتونس حمادي الرحماني الموقّع في 9 نوفمبر 2015 من ضعف التأثير في السجون وهو نتيجة لسوء تقدير منزلتها وتهميشها ولمحدودية الصلاحيات المسندة لها قانونا وكذلك لمحدودية التفاعل الإداري والقضائي مع دورها.
إضافة إلى ضعف وسائل عملها وافتقاد آليات الرقابة وتعدد مهام قاضي تنفيذ العقوبات وتقاعس كبير من السلطة السياسية بعد الثورة في تنقيح مجلة الإجراءات الجزائية وتعزيز صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات وتمكينه من الآليات الفعلية للمراقبة والعمل حسب التقرير.
يشار إلى أن مشروع تنقيح مجلة الإجراءات الجزائية هو اليوم في لمساته الأخيرة كما يعتبر قاضي تنفيذ العقوبات بسوسة الأوفر حظا من بين بقية قضاة تنفيذ العقوبات في بقيّة الجهات نظرا لأنّ لديه مكتب خاص ومرافقون له من إطارات السجون لمساعدته في القيام بواجبه ويتجلّى ذلك في مكتب المصاحبة النموذجي بسوسة.
دور رجال القانون في مجال العقوبات غير السالبة للحريّة
ينصّ الفصل 105 من الباب الخامس من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية على أن المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل والدفاع عن الحريات.
ويلعب المحامون، بصفتهم شركاء في تحقيق العدالة، دورا هاما في تفعيل العقوبات البديلة وفقا ليسرى دعلول المحامية والعضو بالفرع الجهوي للمحامين بسوسة أولا أمام النيابة العمومية ثم عند المحاكمة بالمطالبة بالصلح بالوساطة وابرام محضر صلح أو بالمطالبة إما بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أو بالتعويض الجزائي.
اما دور المحامي بصفته مدافعا عن الحقوق والحريات وبالاستناد الى الدستور والمرجعية الدولية والقوانين فيتمثل كما تبيّن محدثتنا في الانفتاح على التجارب العالمية، الانفتاح والشراكة مع مؤسسات الدولة، التنسيق والتعاون مع منظمات المجتمع المدني، تقديم المساعدة القانونية والتعريف والتوعية بالعقوبات البديلة وآليات تنفيذها وشروط الانتفاع بها وأهدافها إلى جانب العمل التشاركي مع مختلف المتدخلين والخبراء والفاعلين من أجل تفعيل العقوبات غير السالبة للحرية.
ومن شروط الانتفاع بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة أن تكون بطلب من المتهم ويشترط للتصريح بها وفقا للفصل 15 ثالثا (جديد) من القانون عدد 89 لسنة 1999 أن يكون المتهم حاضرا بالجلسة ويعبّر عن ندمه وأن لا يكون عائدا وأن يثبت للمحكمة من خلال ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية”.
لذلك يتحمل المحامي المسؤولية أمام منوبه بتحسيسه وتوعيته للمطالبة بهذه العقوبة اذا ما توفرت شروط الانتفاع بها، خاصة أمام جهل أغلب المتهمين بوجود مثل هذا النوع من العقوبات وهو ما لامسناه بالتحدّث مع عدد منهم، وأن يتقدّم في ملف دفاعه بطلب في ذلك.
كما يمكن للمحامي أن يلعب دورا في توعية المساجين الذين يمكنهم التمتع بآلية السراح الشرطي واستكمال العقوبة بالعمل في احدى المؤسسات العمومية عبر تقديم الارشادات الضرورية للاستفادة من فرص الافراج المشروط والمصاحبة والعمل للمنفعة العامة وهو ما عمل عليه فرع المحامين بسوسة مثلا ضمن اتفاقية المساعدة القانونية التي ابرمها مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح وبدعم من المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.
ولكن ومع كلّ ذلك نجد بعض المحامين لا يطالبون في دفاعهم عند الادانة بهذه العقوبة ويكتفون بالمطالبة بتخفيف الحكم على ضوء ظروف التخفيف أو الحكم مع إيقاف التنفيذ.
نحو تحسيس القضاة والمحامين
فرضت تجربة المصاحبة بسوسة في البداية واقعا لدى فريق عمل هذا المشروع النموذجي خاصّة أمام ضعف الأحكام الناطقة بالعمل لفائدة المصلحة العامة لذلك سعى الفريق إلى القيام بحملات تحسيسية في اتجاهين كما أفادتنا بذلك منية السافي قاضي التحقيق الأول وأحد أعضاء الفريق.
تمثّل الأول في مرافقة الوكيل العام لمحكمة الاستئناف آنذاك والعضو بالفريق عبد الحميد عبادة لقضاة الجزائي وبعض ممثلي النيابة إلى السجن المدني بالمسعدين لاطلاعهم وتحسيسهم بالوضعية المزرية التي كانت عليها حالة المساجين هناك حسب قولها.
أما الاتجاه الثاني فتم التركيز فيه على عقد الملتقيات والمحاضرات الموجهة لقضاة الجزائي واقناعهم بضرورة الحكم بالعمل لفائدة المصلحة العامة للحد من الاكتظاظ داخل السجون خاصة وأن اغلبهم من الشباب وأن 90 بالمائة من المساجين محكومون بمدد قصيرة كما جاء على لسانها.
وأوضحت محدثتنا أن عملية التحسيس شملت ثلاثة أطراف بداية مع القضاة ثم مع المحامين والمجتمع المدني وهو الهدف الذي عمل عليه فريق العمل بدعم من المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي.
وقد قامت هذه المنظمة ومنذ بدء العمل على مشروعها المتمثل في الحد من الاكتظاظ داخل السجون التونسية من خلال تعزيز دور العقوبات البديلة في تونس بعدة فعاليات وأنشطة.
ووقّعت مذكرة تفاهم مع وزارة العدل التونسية بهدف تفعيل العقوبات البديلة في سوسة لتصبح نموذجا وطنيا يتم تعميمه على باقي ولايات الجمهورية وتعزيز نهج حقوق الإنسان في التعامل مع السجناء داخل المؤسسات السجنية والإصلاحية وفقا لمحدثنا بسام سعيد مدير مكتب المنظمة بتونس.
ولذلك يقول سعيد قامت المنظمة بعدة أنشطة وبرامج منهجية تدعم مساعي الإصلاح والتطوير التي تبنتها وزارة العدل التونسية في مجال القضاء وإدارة السجون والإصلاح بما يخدم تطوير أنظمة العدالة الجنائية لديها وبما يتماشى والمعايير الدولية ذات الصلة.
كما قامت أيضا بإعداد دراسات وأبحاث في ميدان العقوبات البديلة ونظمت موائد مستديرة وعدة ورشات تدريبية لفائدة القضاة وللعاملين في الوحدات السجنية والاصلاحية وأيضا لفائدة المحامين وللمجتمع المدني حول دور هذا الأخير في تقديم خدمات داخل السجون.
ونظمت كذلك زيارة دراسية ميدانية للقضاة ومديري السجون والإصلاحيات إلى الجزائر للتعرّف على تجربة المصالح الخارجية في مجال تطبيق العقوبات البديلة والاستفادة منها وكذلك تطوير أدلّة عمل إجرائية وتدريبية حول حقوق السجناء والخدمات الرعائية المصاحبة واللاحقة التي توفرها المؤسسات العمومية والمدنية.
ووقعت المنظمة وفقا لمحدثنا أيضا مذكرات تفاهم مع مؤسسات المجتمع المدني وذلك بهدف تطبيق وتطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان الخاصة بتنفيذ القانون وتحسين ظروف السجن والاحتجاز، التقليل من اللجوء لعقوبة الحبس واستخدام عقوبات بديلة اصلاحية، تعزيز المعاملة الإنسانية والعادلة للفئات المستضعفة والمهمشة ضمن منظومة العدالة الجنائية من خلال تطبيق المعايير الدولية لحقوق الانسان إضافة الى توقيع اتفاقيات دعم للمؤسسات العمومية.
ورغم كلّ هذه المجهودات في سبيل التحسيس بجدوى هذه العقوبات التي نصّ عليها القانون وتفعيلها على أرض الواقع ومساهمة العديد من الأطراف الأخرى أيضا في ذلك كالمعهد الأعلى للقضاء الذي قام في ماي الفارط بملتقى جهوي في القصرين بغاية تكوين القضاة وحثهم على التوجه نحو العقوبات البديلة الا أنّ النتائج لا تزال ضعيفة والتطبيق دون المطلوب خاصة إذا نظرنا الى عدد الأحكام الصادرة وهو ما يتطلب مزيدا من العمل في هذا الاتجاه.
وترجع السافي نقص التحسيس والتوعية في هذا المجال اليوم إلى عدم تفرغ فريق عمل المشروع النموذجي مشيرة إلى أن الفريق لم يلتق منذ مدة طويلة لانشغاله بكمّ هائل من الأعمال إضافة إلى خروج الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بسوسة وأحد أعضائه على التقاعد.
لئن كان دور القضاة والمحامين هاما في تفعيل العقوبات البديلة فدور المجتمع المدني لا يقلّ أهمية في سبيل الدفع نحو هذا النوع من العقوبات خاصة إذا ما نظرنا إلى النتائج والآثار السلبية للعقوبات السالبة للحريّة.
كما يجب أن تتوفّر لجناحي العدالة من قضاة ومحامين في تونس الضمانات والآليات والتشريعات الكفيلة بتعزيز هذا الدور دون أن ننسى طبعا التكوين ومزيد التحسيس في هذا المجال.