بدأت ظاهرة اجتماعية جديدة تنتشر مؤخرا في الدول العربية التي لجأت اليها العائلات السورية، هربا من نيران المدافع والغارات طلبا للامان، وهي ظاهرة تزويج فتيات قاصرات من رجال مسنين.
الاهداف من هذا الزواج وما ينشر عنها تشكل فضيحة للعالم العربي والاسلامي، وكما اطلقت عليه صحيفة ‘ديلي تلغراف’ البريطانية صفة ‘دعارة’ و’بيع′ تحت غطاء الزواج.
بعض التقارير تناولت قصصا مريعة لاستغلال حاجة اللاجئين، ومن نماذج هذا الاستغلال ما ذكره المجلس القومي للمرأة في مصر الذي سجل 12 الف حالة زواج خلال عام بين لاجئات سوريات ومصريين، وحسب المجلس ‘يقف المنادي داخل بيت الله لينادي: ‘اي اخ مسلم يحب ان يتزوج من فتاة سورية، عليه ان يحضر فورا، المهر عدة جنيهات، والعروس عذراء… كل المطلوب ان توفر لها مسكنا ومأكلا وملبسا وضرورات الحياة’.
وفي مشهد مروّع آخر في الاردن وقفت ثلاث لاجئات امام العريس الاردني، ليختار احداهن، فاختار اصغرهن سنا ودفع الثمن للوالد تحت مسمى ‘المهر’ ودفع للسمسار نصيبه تحت مسمى ‘الحلوان’، وغادر مع عروسه المراهقة دون اي طقوس.
مشهد مروّع ثالث في السعوديّة نقلته في تقرير مصور وكالة الانباء الالمانية، حيث تظهر ثلاث فتيات لاجئات في بيت امرأة تعمل وسيطة زواج، تخبر الفتيات الثلاث بوجود عريس سعودي عمره 70 عاما يريد الزواج من فتاة صغيرة، وتوافق احدى الفتيات (14 عاما) على الزواج به وهي تقول انها تضحي بحياتها من اجل امها واخوتها.
… وفي حادثة اخرى اكتشفت الشابة السورية ان العريس يريدها خادمة له.
لا يحتاج المرء لأن يكون شيخا او إماما او عالما في الدين، ليحكم بأن هذه ‘الزيجات’ باطلة، فالشرع يحرّم الزواج بالاجبار، وهؤلاء الفتيات القاصرات اجبرتهن الظروف على القبول بازواج بأعمار آبائهن واحيانا اجدادهن، ليعدن لعائلاتهن بعد اشهر او اسابيع وهن حوامل، وقد اصبح من المشاهد المألوفة في مخيمات اللاجئين ان تجد مراهقات يحملن اطفالهن.
والامر الابشع بهذه الظاهرة ان يطلق على هذه العملية ‘زواج السترة’ مما يوحي بتفضل الزوج واقدامه على التضحية للستر على الفتاة ومساعدتها بطريقة شرعية، والحقيقة يجب اطلاق اسم ‘زواج الفضيحة’ على هذه العملية.
عارٌ علينا ان نراقب هذه التجارة بالبشر ونقف مواطنين ومسؤولين ومؤسسات مدنية ورجال دين مكتوفي الايدي.
عارٌ علينا كعرب. عارٌ علينا كمسلمين. عارٌ علينا كبشر.
لقد تفرّج ما يسمى المجتمع الدولي، والعرب والمسلمون طويلاً على مذبحة الشعب السوري بدءاً من قتل أطفاله وتعذيبهم وصولاً الى الابادة الجماعية بالسلاح الكيماوي وها هو يطاردهم الآن حيثما ذهبوا وحلّوا، ويستغل أطفالهم ذكوراً وإناثاً، بالعمالة الرخيصة والانتهاكات الجنسية.
زواج ‘السترة’ لا يستطيع ستر الإهانة الكبيرة التي نتعرّض لها جميعا من خلال ما يتعرّض له إخوتنا السوريون.
هذا ‘الزواج’ فضيحة على رؤوس الأشهاد.
القدس العربي