الثلاثاء , 3 ديسمبر 2024

سوسة: إحياء أربعينية المناضل الحقوقي والكاتب أحمد المناعي

أحيت مساء اليوم، السبت 17 فيفري 2024، جمعية “الاتحاد الثقافي بسوسة”، بمقرّها، أربعينية فقيد الساحة الحقوقية بتونس والعالم العربي ومدير معهد تونس للعلاقات الدولية، الدكتور أحمد المناعي، وذلك بحضور عدد من أفراد عائلته وأصدقائه ورفاق دربه.

وتضمنت هذه الأمسية تلاوة فاتحة على روح الفقيد تلاها عرض شمل التعريف بالفقيد واستعراض لخصاله ومآثره ومسيرته النضالية والمهنية وكتاباته ومواقفه من كبرى القضايا الوطنية والدولية إلى جانب شهادات لبعض أصدقائه للحديث عن علاقتهم بالمرحوم وذكرياتهم معه.

ولد الفقيد في 16 جانفي 1942 بمدينة الوردانين من ولاية المنستير وتوفي في 17 جانفي 2024 عن عمر ناهز 82 سنة وهو متزوج من جزائرية وأب لأربعة أبناء.

وذكر نجله الأكبر، باديس، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة أنّ والده نشأ في بيئة محافظة وترسخت لديه قيم المقاومة منذ الصغر مشيرا أنّ ثلاث محطات كبرى كان لها الأثر العميق في حياته وفي تشكيل شخصيته وهي معركة بنزرت ومعركة التحرير الجزائرية وتجربة المنفى في باريس.

حصل المناعي على الإجازة في الاقتصاد وناقش رسالة دكتوراه في الاقتصاد الفلاحي وأصبح خبيرا في التنمية الفلاحية لدى منظمة الأمم المتحدة وعمل بعديد الدول في كل من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في مجال الإصلاح الزراعي.

وذكر المؤرخ عادل بن يوسف في عرض قدّمه بهذه المناسبة أنّ الفقيد خاض غمار السياسة مبكرا منذ سنّ الرابعة عشر بانخراطه في الشعبة الدستورية بالوردانين وكان مرافقا لخاله المرحوم عبد الله فرحات (شغل عدّة وزارات في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) فواكب عن قرب عديد المحطات من أهمها مؤتمر المنستير للحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم سنة 1974 ومؤتمر تونس العاصمة سنة 1979… الخ.

وقد شارك المرحوم إثر تحول السابع من نوفمبر 1987 بقائمة مستقلة عن دائرة المنستير ضمت مستقلين ومعارضين ونشطاء حقوقيّين في الانتخابات التشريعية لشهر نوفمبر 1989. وفي مرحلة موالية عرف عديد التهديدات والتضييقات ما اضطر عائلته إلى مغادرة البلاد سرا عبر الجزائر وقد تمّ إيقافه وتعذيبه وسجنه بين سنتي 1992 و1994.

معارض شرس لنظام بن علي في المهجر

وأضاف بن يوسف أنّ الفقيد أصبح معارضا شرسا لنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في المهجر حيث اقترب في فرنسا من نواة المعارضة التونسية لنظام بن علي والتي كانت تضمّ عديد التيارات والحساسيات السياسية من بورقيبيّين من بينهم أحمد بن صالح ومحمّد مزالي والمازري الحداد وأحمد بنور وبعض القوميين العروبيين واليساريين والحقوقيين على غرار المنصف المرزوقي وسليم بقّة وسليم بن حديدان ومنذر صفر والإسلاميين وفي مقدمتهم الشيخ راشد الغنوشي وعامر العريّض وصالح كركر والمنصف بن سالم وعبد الوهاب الهاني وغيرهم.

وأشار بن يوسف إلى تعرّض المناعي لمحاولتي اغتيال بباريس بين 1996 و2000 من قبل أجهزة بوليس بن علي.

مساند للقضايا العادلة في تونس والعالم

ولفت بن يوسف في عرضه الذي قدمه إلى أنّ الفقيد قد كرّس كل نشاطاته وجانبا من نشاط المعهد التونسي للعلاقات الدولية الذي بعثه بباريس سنة 1996 لتنظيم تظاهرات ثقافية وسياسية للتعريف بالقضيّة الفلسطينية في أوساط السياسيّين وعامة الشعب الفرنسي، سواء بباريس وكبرى المدن الفرنسية أو بتونس بعد 2011.

وتولّى نشر وتحليل مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وأخبار المعارضة التونسية لبن علي وأهم المحطات النضالية لها، داخل وخارج تونس باللغات الثلاث العربية والفرنسية والانجليزية.

كما ربط علاقات بعديد الشخصيات الحقوقية، الفرنسية والعربية والدولية المقيمة بفرنسا أو خارجها ومن بينهم السفير الفرنسي “ميشال رمبو”Michel Raimbaud” و “ميشال”François Belliot “و “شرف الدين قلجك” (من تركيا) وأحمد طالب الإبراهيمي وسيد أحمد غزالي (من الجزائر) وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة كولونيا، الدكتور “فرنار روف”Werner RUFF” (من ألمانيا) والدكتور نزار بوش والدكتورة أيسر ميداني (من سوريا) والدكتور إلياس لحّام (من لبنان).

وعاد أحمد المناعي نهائيا إلى أرض الوطن مع زوجته سنة 2008 ليستقر بمدينة سوسة ويتفرّغ إثر الثورة لإقامة منابر وندوات عن الديمقراطية والانتقال الديمقراطي وعن الماء والوحدة المغاربية وفلسطين والقضيّة السورية ويحوّل بيته بالوردانين إلى مقرّ لمعهد تونس للعلاقات الدولية.

وكان من ضمن بعثة المراقبين العرب إلى سوريا سنة 2012 وظلّ يروي في المنابر والندوات شهادته عن حقيقة الوضع السوري وحجم المغالطات التي عاينها بنفسه كما عارض بشدة “مؤتمر أصدقاء سوريا” الذي انعقد في تونس في نفس السنة.

من مؤلفات أحمد المناعي:

إلى جانب مئات المقالات والرسائل التي كان وجهها الفقيد إلى شخصيات فاعلة في الحكم بتونس ما بعد 2011 ألّف الدكتور أحمد المناعي وعرّب وأصدر عديد المؤلفات عن معهد تونس للعلاقات الدولية ومن أشهرها كتابه “Supplice tunisien: Le jardin secret du général Ben Ali, préface de Gilles Perrault, Paris 1995.

– “البورقيبيّة والسياسة الخارجية لتونس المستقلة”، ترجمة عن الألمانية لأطروحة دكتوراه الأستاذ فرنار روف من طرف الأستاذ الصحبي ثابت، منشورات المعهد التونسي للعلاقات الدولية، تونس 2014، 730 صفحة.

– أحمد نظيف، بنادق سائحة: تونسيوّن في شبكات الجهاد العالمي، منشورات المعهد التونسي للعلاقات الدولية‏. سوسة، 2016، 135 صفحة.

 -Michel Raimbaud, Syrie : une guerre globale sans frontières, Editions ITRI, Tunis, 2021.

-François Belliot, Guerre en Syrie, Quand médias et politiques instrumentalisent les massacres, Préface de Ahmed Manai, Editions ITRI, Tunis 2017, 02 tomes.

– أشرف الذيبي، عبد الله فرحات بيوغرافيا مناضل رجل دولة ( 1914- 1985) (تحت الطبع).

                                                                                                                                           هدى القرماني

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

تعرّف على الخطط الجديدة للهجرة إلى كندا

تشهد خطط الحكومة الكندية المتعلقة بسياسات الهجرة تحولات لافتة وآليات جديدة لتحديد أعداد المقيمين الدائمين …