فتحي الجراي: “رغم توفر كل الضمانات القانونية .. آفة التعذيب مازالت موجودة في تونس كممارسة تبعث على الانشغال”

قال رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فتحي الجراي، “إنه بالرغم من توفر كل الضمانات القانونية لحماية المساجين والموقوفين، ومصادقة تونس على جل الاتفاقيات المتعلقة بمناهضة التعذيب، فإن هذه الآفة مازالت موجودة في تونس كممارسة تبعث على الانشغال، وإن سجلت تراجعا نسبيا خلال السنوات العشر الماضية”.

وأضاف في تصريح إعلامي، اليوم الأحد، خلال مشاركته في مسيرة انطلقت من أمام المحكمة الابتدائية بباب بنات في اتجاه المقر السابق لسجن 9 أفريل، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، أن “تونس هي دولة في طريق الديمقراطية، ولديها هيئات حقوقية ومصادقة على جل الاتفاقيات والصكوك الدولية، ويفترض ان تكون دولة خالية من التعذيب”، كما أن “دولة تقول رسميا إنها لا تمارس التعذيب، يجب عليها أن تقف بصرامة ضد من يمارس التعذيب، وخاصة أن تمنع الإفلات من العقاب”.

وأقر الجراي بأن التعذيب تواصل بعد 25 جويلية، بالنسق ذاته، وفق قوله، “لأن هذه الممارسة شائعة بالرغم من توفر الضمانات الأساسية في القانون، لكنها لا تحترم في الغالب”، معتبرا أن “قوات الأمن التونسية مازالت تحتاج إلى تكوين وإلى ثقافة جديدة تقوم على أمن جمهوري وحقوقي يحترم حقوق الانسان ويشرف على إنفاذ القانون دون أي شكل من أشكال سوء المعاملة والتعذيب”.

ولفت إلى أن “معظم الانتهاكات تقع في الساعات الأولى من الإيقافات، وهذا دليل على أنه هناك أساليب عنيفة لانتزاع الاعترافات، أو حتى الإكراه عليها، وهو أمر مناف للقانون وللمبادئ الحقوقية، وحتى لأخلاقيات المهنة، لأن رجل الأمن من المفروض أن يكون ملاذا، كما أن العنف هو من الأساليب القديمة التي أثبتت مفعولها العكسي”، حسب تعبيره.

وأعرب الجراي عن الأسف لأنه لم يتم في تونس البت في قضية واحدة من مئات القضايا المرفوعة المتعلقة بالتعذيب، وهو ما اعتبره “مؤشرا قويا على الإفلات من العقاب، ونوعا من الغطاء للأشخاص المرتكبين للانتهاكات”، مشيرا إلى أن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب قامت ب100 إحالة قضائية في شبهات تعذيب وسوء معاملة لوكلاء الجمهورية المختصين ترابيا، وإلى حد الآن، ليس هناك تطور في هذه الإحالات.

وقال “نحن نعلم أن المسار طويل، وأن المسار القضائي بصفة عامة بطيء، ولكن حقيقة عدم البت في أي قضية متعلقة بالتعذيب، هي مؤشر على أنه هناك إفلات من العقاب مستمر منذ أكثر من عشر سنوات”.

من جهته، أفاد أسامة بوعجيلة، المكلف بالمناصرة والحملات في المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في تصريح ل”وات”، بأن المسيرة المنتظمة اليوم تندرج ضمن الفعاليات السنوية للاحتفال باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، وهي مناسبة تعودت فيها قوى المجتمع المدني والقوى الحية في تونس تنظيم مسيرة لحفظ الذاكرة، وللتأكيد على موقفها الداعي إلى ضرورة اجتثاث التعذيب وسياسة الإفلات من العقاب في تونس.

وأضاف أن “هذه المناسبة تتنزل خلال سنة 2022 في سياق سياسي متوتر، لم يجد فيه ضحايا التعذيب سبيلا للإنصاف”، مبينا أن “التعذيب متواصل، وهو يستهدف بالخصوص الناشطين المدافعين على حقوق الإنسان والفئات الهشة، مثل مجتمع الميم والمهاجرين والمواطنين العاديين، على غرار الجماهير الرياضية “.

   وقال “هناك ارتفاع لافت للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وسط مناخ مناسب للإفلات من العقاب، وغياب أي إرادة سياسية تعطي أي مؤشر لرغبة واضحة للقضاء على آفة التعذيب والإفلات من العقاب”، بحسب تقديره، موجها الدعوة لكل القوى الحية وكل مكونات المجتمع المدني وللمواطنين للدفع نحو اجتثاث هذه الآفة.

يذكر أن عددا من الناشطين في المجتمع المدني المهتمين بقضايا التعذيب شاركوا في مسيرة من أمام المحكمة الابتدائية بتونس بشرع باب بنات، إلى المكان السابق لسجن 9 أفريل، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، ورفعوا شعارات ضد تواصل التعذيب في السجون وسوء المعاملة من قبل القوات الأمنية. ومن بين هذه الشعارات “حريات حريات دولة التعذيب وفات” و”التعذيب إلى متى؟” و”لا شيء يبرر التعذيب”.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت في قرارها المؤرخ في 12 ديسمبر 1997، يوم 26 جوان من كل عام، يوما دوليا للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، بهدف القضاء التام على التعذيب، وتحقيقا لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي بدأ تنفيذها في 26 جانفي .1987

وات

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

محمد زيتونة: فتح تحقيق ضد مقدمة برنامج بإذاعة خاصة يأتي على خلفية مخالفة قرار منع التداول في قضية « التآمر على أمن الدولة »

قال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس، محمد زيتونة، أن النيابة العمومية أذنت للفرقة المركزية …