لماذا تتكرر دعوات مسؤولين أمريكيين إلى تقسيم العراق؟

“المصالحة بين الشيعة والسنة تزداد صعوبة وتقسيم العراق ربما يكون الحل الوحيد”، هكذا قال رئيس الأركان الأمريكي المنتهية ولايته خلال مؤتمر صحفي الأربعاء 12 أغسطس/ آب.

ففي رده على سؤال عن فرص المصالحة بين السنة والشيعة، قال رئيس الأركان الأمريكي، ريموند أوديرنو، إن “العراق ربما لن يبدو في المستقبل كما كان عليه في الماضي”.

وأضاف أوديرنو، الذي سيسلم مهام منصبه الجمعة إلى خلفه الجنرال مارك ميلي، أن في العراق ثلاثة مكونات قد تمثل أساسا ملائما للتقسيم، الأكراد الذين يتمتعون بالفعل بحكم ذاتي، والسنة، والشيعة. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الكيفية التي يمكن أن يتم بها هذا التقسيم “تعود إلى المنطقة والسياسيين والدبلوماسيين”.

وتأتي تصريحات رئيس الأركان الأمريكي بعد يوم واحد من إقرار البرلمان العراقي، الثلاثاء 11 أغسطس/ آب، بالإجماع حزمة إصلاحات تقدم بها رئيس الوزراء العراقي، نالت تأييد قطاعات كبيرة، تهدف إلى القضاء على الفساد والمحاصصة الطائفة واعتبار الكفاءة كمعيار وحيد لتقلد المناصب.

فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول ليست بالجديدة في الطرح الأمريكي، فقد سبق لوزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر أن دعا في مارس/ آذار 2006، إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مكونات مرجحا أن يكون مصير العراق كمصير يوغسلافيا السابقة.

كما دعا نائب الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، عندما كان نائبا عن الحزب الديموقراطي في الكونجرس الأمريكي في مايو/ أيار 2006، إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية يتمتع كل منها بحكم ذاتي معللا دعوته بأنها الحل الأفضل لتجنب تمزيق العراق عبر العنف الطائفي.

ومن الجدير بالذكر أن بايدن تراجع، في إبريل/ نيسان 2015، عن رأيه السابق مناديا بعراق موحد لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وفي ذات السياق، لا يخفي الأكراد رغبتهم في دولة مستقلة، إذ قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني، خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركة، في مايو/ أيار من العام الجاري، إن وحدة العراق “اختيارية وليست إجبارية”. وأضاف عبر حسابه على توتير “لا أعلم متي ستستقل كردستان، لكن الاستقلال بالتأكيد على الطريق”.

وفي المقابل، تصطدم فكرة تقسيم العراق بعقبات عدة داخليا وخارجيا. على المستوى الداخلي المحافظات العراقية متداخلة طائفيا، والمجتمع العراقي يضم مكونات دينية وعرقية أخرى علاوة على الثلاث الكبرى الكردية والسنية والشيعية، وهنا يطرح السؤال ماذا سيكون مصير هذه المكونات بعد التقسيم؟

من جهة ثانية تمثل الثروات الطبيعية عموما والنفطية على وجه الخصوص عقبة أخرى رئيسية، سيما وأنها تلك الثروات موزعة بشكل غير متساو بين المحافظات المختلفة. ثم كيف يمكن تقسيم الأراضي الشاسعة التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ يونيو/ حزيران 2014.

خارجيا وإقليميا لا يمكن إغفال معارضة دول كبرى مجاورة، مثل تركيا وإيران، لفكرة تقسيم العراق خشية أن يؤدي ذلك إلى إثارة نعرات انفصالية داخل حدود هذه الدول.

بي بي سي

تعليقات

عن Houda Karmani

شاهد أيضاً

مجلس الأمن الدولي يخفق في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة

أخفق مجلس الأمن الدولي قبل قليل في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لفلسطين في …