شدد الرئيس الاميركي باراك أوباما الثلاثاء على ان الرئيس المصري المعزول محمد مرسي قد “انتخب ديمقراطيا لكنه اثبت عدم رغبة او عدم قدرة على الحكم بطريقة ديموقراطية”، محذرا في نفس الوقت من ان استمرار الدعم الاميركي لمصر يتوقف على تقدمها نحو العودة الى الديمقراطية بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي.
وقال أوباما في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة ان “الحكومة المؤقتة التي حلت مكانه جاءت استجابة لإرادة ملايين المصريين الذين رأوا ان ثورتهم اتخذت منحى خاطئا، لكنها اتخذت ايضا قرارات لا تتفق مع الديمقراطية من خلال اعلان حالة الطوارئ وفرض قيود على الصحافة والمجتمع المدني وأحزاب المعارضة“.
وقال اوباما ان الولايات المتحدة “تجنبت عن عمد الوقوف مع اي جانب” بعد عزل مرسي في 3 تموز/يوليو، لكنه حذّر من ان “دعمنا سيتوقف على تقدم مصر على طريق الديمقراطية“.
وأضاف “بالطبع تعرضت اميركا للهجوم من كل أطراف هذا النزاع الداخلي حيث اتهمت بدعم الإخوان المسلمين وفي الوقت نفسه بإدارة ابعادهم عن السلطة“.
وشدد على انه “في الواقع تجنبت الولايات المتحدة عن عمد الوقوف مع اي جانب. واهتمامنا خلال السنوات الاخيرة كان تشجيع قيام حكومة تجسد شرعيا رغبة الشعب المصري وتعترف بالديمقراطية الحقيقية“.
وأوضح اوباما ان “موقفنا حيال مصر يعكس وجهة نظر أوسع: الولايات المتحدة ستعمل في الوقت الحالي مع حكومات لا ترقى الى مستوى التطلعات الدولية لكنها تعمل معنا على تحقيق مصالحنا الكبرى“.
وأضاف محذرا “لكننا لن نكف عن المطالبة باحترام المبادئ التي تتفق مع قيمنا، اي معارضة استخدام العنف في قمع المعارضين ودعم المبادئ التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان“.
وكان الرئيس الاميركي تحدث عن الوضع المصري امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سياق كلمة اتسمت بالشمولية أراد من خلالها أن يرسم معالم السياسة الاميركية تجاه منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا المضطربة وقضايا حساسة مثل النزاع في سوريا والملف النووي الإيراني.
وأوضح اوباما ان الولايات المتحدة ستقدم على تحرك مباشر لإزالة التهديدات حين يكون ضروريا وستستخدم القوة العسكرية حين تفشل الدبلوماسية.
ودعا الرئيس الاميركي باراك أوباما الثلاثاء الى اعطاء فرصة للطريق الدبلوماسية مع ايران بشأن ملفها النووي، الا انه طالب طهران بـ”افعال” وحذر من ان الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران لن تحل “بين ليلة وضحاها“.
وأعلن اوباما ان بلاده “تشجعت” بانتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران، واعتبر ان الاخير تلقى “تفويضا ليسلك طريقا اكثر اعتدالا” في اشارة الى سلفه محمود احمدي نجاد الذي تميز بمواقفه المتطرفة.
وتابع الرئيس الاميركي “بما ان الرئيس روحاني التزم التوصل الى اتفاق، طلبت من (وزير الخارجية) جون كيري ادارة هذه الالية مع الحكومة الايرانية بتعاون وثيق مع الاتحاد الاوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين“.
وأضاف “قد يبدو من الصعب جدا تجاوز العقبات الا انني مقتنع بأنّه لا بد من تجربة الطريق الدبلوماسية“.
واقر اوباما ايضا بوجود “جذور عميقة” من الحذر بين واشنطن وطهران اذ ان العلاقات مقطوعة بين البلدين منذ العام 1979.
وقال “لا اعتقد انه سيكون بالإمكان تجاوز هذه المسالة الصعبة بين ليلة وضحاها، فالشكوك عميقة جدا.. الا انني متأكد اننا في حال تمكنا من حل مسالة البرنامج النووي الايراني فان ذلك يمكن ان يفتح الباب امام علاقة مختلفة قائمة على المصالح والاحترام المتبادل“.
إلا ان اوباما اضاف ان الولايات المتحدة اذا كانت تفضل خيار الطريق الدبلوماسية “فإننا نبقى مصممين على منع تطوير سلاح نووي” ايراني.
وقال الرئيس الاميركي ايضا “نحن لا نسعى الى تغيير النظام ونحترم حقوق الايرانيين في الوصول الى طاقة نووية سلمية”، معتبرا ان هذه القناعات تتلاقى مع التصريحات العلنية للقادة الإيرانيين بما في ذلك المرشد علي خامنئي “ويجب ان تشكل اساسا لاتفاق” حول الملف النووي.
وأضاف أنه ولكي تتكلل هذه الالية بالنجاح “لا بد من ان يترافق الكلام التصالحي مع افعال شفافة يمكن التحقق منها”، معتبرا ان “خيارات الحكومة الايرانية هي التي اوصلت الى العقوبات الحالية” التي اثرت كثيرا على الاقتصاد الايراني.
وفي خطابه الذي ركز على الشرق الأوسط، دعا الرئيس الاميركي بشأن الازمة في سوريا الى صدور قرار “حازم” عن مجلس الامن حول ازالة الاسلحة الكيميائية السورية، متوعدا بـ”عواقب” في حال لم يلتزم نظام الرئيس بشار الاسد بما وعد به.
كما اعلن اوباما تقديم مساعدة اضافية بقيمة 340 مليون دولار للاجئين والنازحين السوريين وهي تزيد بنسبة الثلث على المبلغ الذي سبق ان وعدت واشنطن بتقديمه.
وقال اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة “لا بد من قرار حازم يصدر عن مجلس الامن للتأكد من ان نظام الاسد يلتزم بتعهداته”، معتبرا ان المجتمع الدولي لم يكن على المستوى المطلوب حيال المأساة في سوريا ومدافعا عن التهديد بتدخل عسكري ضد النظام السوري.
وأضاف اوباما ان “اتفاقا حول الاسلحة الكيميائية ينبغي ان يحرك جهدا دبلوماسيا اوسع لبلوغ اتفاق سياسي في سوريا“.
وتابع “لا اعتقد ان عملا عسكريا يتم القيام به من داخل البلاد او من جانب قوى خارجية يمكنه ان يؤدي الى سلام دائم“.
وقال اوباما كذلك “لا اعتقد ايضا ان اميركا او اي بلد ينبغي ان يقرر الجهة التي ستحكم سوريا، يعود للشعب السوري ان يقرر (ذلك). لكن رئيسا قتل مواطنيه وسمم اطفالا بالغاز حتى الموت، لا يمكنه ان يكتسب مجددا الشرعية لقيادة بلاد منقسمة في شكل خطير”، في اشارة الى الرئيس السوري بشار الاسد.
وبالعودة الى السياسة الاميركية في الشرق الاوسط بشكل عام، حذر اوباما من ان الولايات المتحدة تبقى مستعدة للجوء الى القوة في حال تهددت مصالحها في الشرق الاوسط ورفض اي تخل اميركي عن منطقة الشرق الاوسط معتبرا ان هذا الامر سيؤدي الى “فراغ لا يستطيع اي بلد اخر ملأه“.
وقال “سنواجه الاعتداءات الخارجية على حلفائنا وشركائنا كما فعلنا خلال حرب الخليج”، مؤكدا عزمه على “تفكيك الشبكات الارهابية“.
وشدد اوباما على “أنّنا لن نقبل بتطوير او استخدام اسلحة دمار شامل“.
ميدل ايست أونلاين