هدى القرماني
تواصل عمليات اختطاف التونسيين في ليبيا وتطورها مؤخرا باختطاف عدد من موظفي القنصلية التونسية في طرابلس، الحديث عن تخوّف من إمكانية استهداف كلّ من تونس والجزائر بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدينة سرت واستحواذها على عدّة طائرات، نتائج الانتخابات البرلمانية التركية وتأثيرها على المنطقة وخاصة على السياسة التركية تجاه سوريا ثلاث نقاط تحدثنا عنها مع الدكتور أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية فكانت إجابته كالتالي.
علّق أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية على اختطاف عدد من التونسيين في ليبيا بمن فيهم موظفون بالقنصلية التونسية في طرابلس قائلا أنّ هذا التصرّف من الناحية القانونية والأخلاقية فيه انتهاك لكل الاتفاقيات الدولية ولكل الأعراف والأخلاق التي تربط بين دول الجيران أما سياسيا فهذه العملية تكررت أكثر من مرة ومن المنتظر أن تتجدد أيضا حسب قوله لأن الحكومة التونسية قبلت التفاوض مع من أسماهم بمجموعة من المجرمين والمسلحين واستجابت لمطالبهم بتسليمهم مساجين ليبيين في تونس.
ولفت المناعي إلى أنه إذا ما أرادت الحكومة التونسية أن توقف هذا التيار فعليها أن تتخذ موقفا حازما يتمثل في التوقف عن كل تعامل مع هؤلاء وعدم الاستجابة إلى مطالبهم إضافة إلى غلق الحدود مع ليبيا قائلا ” ليس لتونس خيار اليوم إلا أن تغلق حدودها تجنبا لمرور ما هو أخطر من مسلحين وغيرهم” مضيفا أن هذا من شأنه أن يخلق العديد من المشاكل والاحتجاجات في الجنوب التونسي نظرا لارتباط الجنوب اقتصاديا بليبيا لكن مع هذا يقول “علينا إغلاق حدودنا”.
ولكن السلطات التونسية في اعتقاد محدثنا “ليست لها الجرأة الكافية لفعل ذلك” كما جاء على لسانه متابعا بالقول ” حقيقة لا أرى سلطة تونسية قادرة على فرض احترام الدولة التونسية ومؤسساتها ودبلوماسيتها واحترام مواطنيها في الخارج”.
ويرى المناعي أن الوضع في ليبيا تعتريه الفوضى وأنّ التعامل مع هذا الملف يجب الحسم فيه مع أهم ثلاث دول محيطة بليبيا وهي مصر والجزائر وتونس.
وذكّر رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية بأنّ مصر حين تمّ الاعتداء على عدد من مواطنيها في ليبيا ردّت بقوّة على الأراضي الليبية ولذلك لم نعد نسمع باعتداءات على رعاياها هناك ونفس الشيء مع الجزائر التي ردّت أيضا بتدخّل قوات “الكوموندوس” الجزائرية في قلب طرابلس ولكن تونس يقول استمرت الاعتداءات على أبنائها في ليبيا ليس لأنها لا تملك إمكانيات الردع بل لأن لديها سلطة سياسية ضعيفة.
استهداف تونس والجزائر بعد سيطرة “داعش” على سرت أمر مستبعد
على خلاف من يعتقد أن هناك اليوم تخوفات كبرى من استهداف تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتونس والجزائر بعد سيطرتها على مدينة سرت الليبية واستيلائها على عدد من الطائرات استبعد رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية هذه الفرضية قائلا ” قرأت الكثير من التقارير التي تناولت هذه المسألة ولكني لا أشاركها الرأي وأرى فيها نوعا من المبالغة”
وأشار المناعي إلى أن تنظيم “داعش” كقوة عسكرية ليست موجودة سوى في العراق وسوريا وما يتواجد من نواة في ليبيا ليسوا إلا مقاتلين كانوا ينتمون إلى جماعات مسلحة بتسميات أخرى انبهروا بنجاحات “داعش” في المشرق فانضموا إليها.
ونفى المناعي أن يكون الخطر على تونس قادما من عناصر “داعش” المتواجدة في درنة الليبية لأنه عسكريا ليس من السهل لهذه العناصر أن تكتسح الجنوب التونسي نظرا لجاهزية قواتنا الأمنية والعسكرية بل يكمن في العدد الكبير من التونسيين الذين يحملون الفكر “الداعشي” حتى أن كثيرا منهم انضموا إلى التنظيمات العسكرية الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا وغيرها وأصبحوا يمثلون وفقا لوزير الخارجية الليبي تقريبا نصف قوّة تنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا وفقا لما صرّح به محدثنا.
وتابع المناعي بالقول ” لا أرى الخطر على تونس قادما من تنظيم “داعش” من وراء الحدود بل إنّ تنظيم “داعش” موجود في تونس والخطر في اعتقادي من “داعش” الموجودة في العقول والتصرفات لدى عدد من التونسيين ” متهما الحكومات المتتالية بعد الثورة بأنها ساهمت في تنامي هذه الظاهرة.
وأفاد رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية بأن “تنظيم “داعش” صناعة أمريكية ومنتوج أمريكي مغلّف بغلاف إسلامي وما الشباب المقاتل في هذا التنظيم إلا حطب النار ولذلك فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية من تقف وراءه وهي ليست لها النية اليوم في زعزعة استقرار تونس بعد ان بلغوا هدفهم في سنة 2011″ .
وأضاف المناعي أنه من المستبعد جدا أن تتكتلّ قوى اليوم لمهاجمة تونس لأنها لا تملك نفطا كما أنها ليست على الحدود الإسرائيلية وهذان هما الشرطان الأساسيان وفقا لرئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية اللذان جعلا البلاد التونسية تمنع إلى حد اليوم من الحرب المدمرة في سوريا وفي العراق والتي تحولت أيضا إلى اليمن.
وفي ما يتعلّق بالجزائر فيقول محدثنا أنّ لها حدودا طويلة وجيشا قويا وبالرغم من أنها مستهدفة فإن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ليس من مصلحتهم أن يفتحوا الآن واجهة أخرى حتى لا يفقدوا سيطرتهم على الفوضى الموجودة حاليا.
نتائج الانتخابات التي أفرزها الصندوق في تركيا ستغير السياسة تجاه سوريا
نتائج الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة زعزعت وفقا للدكتور أحمد المناعي الكثير من الأمور في المنطقة وسيكون لها تأثير مباشر على السياسة التركية تجاه سوريا وهو ما يجعل من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في اعتقاده يقف اليوم وقفة تأمل خاصة وأنّ عددا كبيرا من الأتراك قد سحبوا ثقتهم خلال هذه الانتخابات من حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان أحد أعضائه، ما جعله يفقد الأغلبية داخل البرلمان وبالتالي دخول أطراف أخرى معه ضمن الحكومة الجديدة.
ويؤكد المناعي أنّ أحزاب المعارضة التركية التي ستكون طرفا في هذه الحكومة والتي قد تختلف حول الكثير من الملفات لكنها يقول تتفق فيما بينها حول الملف السوري وحول أن تركيا قد ورطت نفسها في الإرهاب وأن هذا الإرهاب يشكل تهديدا لبلدهم أيضا، لذلك فتركيا وفقا للمناعي لن تكون قادرة على التدخل مجدّدا في سوريا بالشكل الذي استمرت عليه عدّة سنوات.