القرار القضائي الأميركي باعتبار القدس محتلة ولا تخضع لأي دولة، إضافة إلى تهديد تنظيم داعش بشنّ هجمات في شهر رمضان المبارك، فضلاً عن تأثير نتائج الإنتخابات التركية على الأوضاع السياسية في البلاد وغيرها من القضايا، كانت محل إهتمام مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية هذا الأسبوع.
أصدرت المحكمة العليا قرارها حديثاً، وهو قرار غير قابل للطعن، يقضي باعتبار القدس أرضاً محتلة ولا تخضع لسيادة أي دولة. وأعربت الادارة الاميركية عن رضاها للقرار ليس في بعده الجغرافي، كما هو في الظاهر، بل لتثبيت مبدأ حصر بلورة وتنفيذ السياسة الخارجية بالسلطة التنفيذية.
واعتبر “معهد المشروع الاميركي” أن القرار يأتي في مصلحة إدارة الرئيس أوباما، لما له من أبعاد في “ترسيم السياسة مع إيران”، من دون تدخل سلطات أو أطراف أخرى. وأضاف أن القرار من شأنه إعطاء الدعم للإدارة لناحية العقوبات الاقتصادية على إيران، بأنها “تتناقض مع سياسة الرئيس الخارجية”.
أميركا: تحديث معسكر الأعداء
قدّم أحد أهمّ الباحثين والخبراء الاستراتيجيين في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، انثوني كوردسمان، شهادته أمام اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب، موضحاً أن معادلة الحرب الباردة كانت شديدة الوضوح لناحية اعتبار “روسيا مصدر تهديد أوحد” للسياسة الاميركية. وأضاف أن التغيرات الدولية تشير إلى “إمكانية اقتناء إيران أسلحة نووية وربما القدرة على تشغيل الصواريخ العابرة للقارات يشكل أحد عناصر التهديد للمستقبل والذي يضم أيضا كوريا الشمالية، فضلاً عن أن روسيا مسلحة بأحدث أنواع الاسلحة وتنامي القدرات الاستراتيجية الهائلة للصين”، وما تنطوي عليه ترسانتهما معاً من أسلحة نووية تكتيكية ونوعية.
وأوضح كوردسمان لأعضاء الكونغرس أنه “مع الحذر من تغليب مشاعر الذعر من اسوأ الاحتمالات المستقبلية، هل ينبغي علينا البدء في التفكير بالخروج من قفص ثنائية روسيا بمواجهة أميركا؟ أم تغيير القفص بغية إجراء عملية تقييم أدقّ للمخاطر الكونية وقوة الردع المطلوبة ونظام الدفاع الصاروخي والحد من الاسلحة النووية؟”.
ما بعد “الربيع العربي”
أشار “معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى” إلى تراجع الآمال بإجراء إصلاحات سياسية “بعد انقضاء أربع سنوات على الربيع العربي لا تزال منطقة الشرق الاوسط ملتهبة، ولم تسقط الدول العربية بإيدي الاسلاميين كأحجار الدومينو”، وفق توقعاتها السابقة؛ بل انضمت مجموعات جديدة من “المجتمع المدني، من أفراد ومنظمات غير حكومية وأحزاب سياسية، تنافس مبدأ سيطرة الحكومة الدينية”. واستطرد بالقول إن تنظيم “داعش ومتطرفين إسلاميين آخرين لا يزالوا بأوج قوتهم في بعض الاماكن، واستمرار تسلط المستبدين التقليديين المستندين إلى شرعية دينية في مناطق اخرى”.
تهديدات تنظيم “داعش”
إستعرض “معهد الدراسات الحربية” جملة تهديدات قد تنجم عن شن تنظيم “داعش” هجمات جديدة في شهر رمضان، لا سيما وأنه “دأب على شنّ هجماته الكبرى في الاعوام الثلاثة الماضية خلال الشهر الفضيل. كما في حال سلفه تنظيم القاعدة في العراق الذي ضاعف من ارتكاب موجات العنف خلال الشهر عينه.
وأوضح أنه بالامكان القول إن “تنظيم داعش يستعد لتصعيد نوعي في عملياته بغية تحقيق أهداف يعتبرها هامة، بل قد “يحيي ذكرى إعلان دولة الخلافة في الاول من رمضان عام 2014، بما يتيح له التفوق على أجواء الاعلان آنذاك، عبر تحقيق انتصارات عسكرية جديدة، واستهداف مراكز دينية”.
وشدد المعهد على أن التنظيم الإرهابي سيعمد إلى “تدشين بدء شهر رمضان وانتهائه بهجمات عسكرية كبيرة في العراق وسوريا”.
العراق
أثار إعلان الرئيس أوباما الاخير عن الدفع ببضع مئات من الجنود الاميركيين إلى العراق، إنتقادات الاوساط المعارضة، لا سيما معسكر انصار الحرب واللوبي الاسرائيلي. ووصف “معهد واشنطن” تلك التطورات بأنها “اجراءات خجولة وستسكشف الادارة قريباً أن مهمتها المعلنة في العراق لقتل المسلحين الاسلاميين ستواجه الحقيقة قريباً. بأن مهمة إنقاذ دولة منهارة تقتضي اعتماد حملة مفتوحة لمكافحة الارهاب”. وجدد توصيفه “للسياسة الاميركية في العراق بأنها تشارف على الشلل”، مناشداً الادارة الاميركية “الالتزام بارسال ما بين 3،000 الى 5،000 عنصر من القوات الخاصة الاميركية” لمهام استشارية ودعم القوات العراقية، كما ينبغي عليها استغلال تلك الخاصية للضغط على الحكومة المركزية في بغداد لتخصيصها مزيد من الموارد لاستقطاب “السنة والاكراد”.
لبنان
إعتبر “معهد كارنيغي” أن حزب الله اليوم هو “أقوى حزب سياسي في لبنان”، بيد أنه “يواجه تحديات متزايدة في سوريا مادياً وسياسياً”، معتبرا قراره بالمشاركة في قتال الجماعات التكفيرية هناك كلفه “خسارة الدعم الشعبي في العالم العربي، وانحسار حضوره السياسي من كونه بطلاً قومياً عربياً إلى مجرد لاعب محلي في لبنان”.
وأضاف أن الحزب “لا يستطيع الانسحاب من سوريا إلى أن يتم التوصل إلى حلّ يكون مقبولاً بالنسبة لإيران. أي تسوية سياسية تباركها الاطراف الخارجية المؤثرة – السعودية وأميركا وروسيا”. وأردف أن تداعيات التسوية المقبلة ستفرض نفسها على الحزب “وتقيد حرية حركته ومستقبله سينطوي على آفاق أكثر تواضعاً”.
تركيا
إعتبر “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” أن الهزيمة الانتخابية التي تلقاها “حزب العدالة والتنمية”، كان بالامكان تفاديها “لو أن اردوغان اختار عدم الترشح لمنصب الرئاسة العام الماضي، وأضحى لزاماً عليه التعامل مع مناخ سياسي مناهض جديد، ليس موالياً لرغبته في توسيع صلاحياته الدستورية فحسب، بل ايضاً للحد من قدرته الاستمرار في ممارسة صلاحيات تنفيذية هائلة بحكم الأمر الواقع”. وأوضح المركز أنه بصرف النظر عن الترتيبات المقبلة التي يعد لها حزب العدالة والتنمية “فإن الثابت هو أفول عصر تفوقه بلا منازع بقيادة أردوغان”.
من جهته رأى “معهد كارنيغي” أنه بات على “حزب العدالة والتنمية” التفكير بالعمل ضمن بناء تحالفات مع أحزاب أخرى لم يتعود عليها، ومن المرجح، بنظر المعهد، إقامة تحالف بين الحزب الحاكم وخصمه حزب الحركة القومية، بقيادة مولود باتشيلي “نظراً لتقارب الحزبين عقائدياً. بيد أن الخلاف الرئيس بينهما يتلخص في تعارض رؤيتيهما لحل القضية الكردية”. أما الخيار البديل، في نظر المعهد، فيتمثل في إقامة تحالف بين “حزب العدالة والتنمية” وبين “حزب الشعب الجمهوري”، وهو “تحالف قد يصبح حقيقة” في الزمن المنظور.
أما “معهد واشنطن” فحذر “حزب العدالة والتنمية” من خطورة الحكم ضمن صيغة تحالف مع أحزاب أخرى، نظراً للسياق التاريخي في تركيا “إذ لم تكتمل فترة حكم أي تحالف أو حكومة أقلية، وعادة ما تدخل البلاد في أزمات سياسية واقتصادية عقب فشل أداء تلك الحكومة والمشاحنات المرافقة بين اعضاء التحالف”.
ورجح المعهد انتظام الرأي العام وراء “حزب العدالة والتنمية” لتشكيل الحكومة بمفرده “في حال دخول تركيا أزمة عدم استقرار سياسية واقتصادية في ظل صيغة حكم التحالف”. واستطرد بالقول إنه بالمقابل فإن “أحزاب المعارضة تستطيع تحميل “العدالة والتنمية” مسؤولية التدهور، مما سيعزز حظوظ فوزها في انتخابات استثنائية” إن أجريت.
مكتب الميادين في واشنطن